لمحات عن الأسطورة فى الأدب الشعبى الأفريقى
الحكاية والأسطورة تشكلان جانبا بالغ الأهمية من الشعور الجمعى للشعوب الإفريقية، فقبل الكتابة كان الاعتماد على الأدب الشفاهي، وكان الأفارقة يروون الأساطير والحكايات ـ وما زالوا ـ فى سهراتهم حين تعتدل حرارة الجو، ويوجد فيها تكرار يتعمده الراوى إذكاء للانتباه،
وتتخللها نفحات شعرية تُنغَّم على إيقاع الطبول (التيمات الإفريقية) التى تضفى طابعا شعبيا على الأساطير والحكايات. والبيئة الزنجية الأفريقية مُشبعة باحترام أرواح الأقدمين، والخشية من غضبها، وطلب حمايتها، فهم يؤمنون بأن الأجداد الأولين أحياء فى عالم الأرواح، ويتوجب على كل الأجيال احترام تلك الأرواح للحفاظ على كيان القبيلة وتراثها.
ويتسم أدب الأساطير بالبعد عن الأمور الواقعية، والميل إلى الخيالي، ونوَّه الشاعر والرئيس السنغالى الراحل اليوبولد سيدار سنغورب إلى قدرة الأفارقة على إطلاق العنان لمخيلاتهم، والابتداع، وتفسير الأمور الخارقة، لأن كل أمر أسطورى لا يتحلى بما هو خارق للواقع يبث الضجر فى نفس الإفريقى ويغمسها فى ملل عميق.
ومن هنا كانت أهمية الأدب الشعبى الأفريقى أنه وثيقة مهمة تستحق التأمل والدراسة لأنها أولا وقبل كل شيء تصوير فنى لموقف الإنسان الإفريقى من الحياة والأحداث من حوله، كما أنه تعبير عن ذاته ووجدانه واحساسه ومشاعره، وكما أن تلك الأساطير تمثل موقف الإنسان من قوى الطبيعة ومحاولة تفسير أسبابها. ولا خلاف أن الكلمة ينبوع الحضارة الإفريقية قولاً كانت أو إيقاعا أو رمزا، وتُشكِّل الأنساب والحكايات الأسطورية والقصص والأمثال والألغاز جوهر أدبها الشفهي.
وليست الشفاهية المحضة علامة عجز مستنكر، فالأدب الإغريقى مثلا أنتج أنقى روائعه «الإلياذة والأوديسا» حينما كان الكلام مهيمناً على الكتابة إلى حد كبير (قبل الميلاد بنحو تسعة قرون) واليوم أيضا كل مجتماعاتنا فالشعار السائد بأن «كل عجوز يموت هو مكتبة تختفى».
ويمكن القول أيضا إن الأدب الأفريقى الزنجى التقليدى أدب تسجيلى لحركات الجسم حيث لا تتواكب الصلوات والقرابين بطقس من الحركات المنظمة بدقة وحسب، بل لا نتصور قصصا أو حكايات رمزية أو أساطير دون إيمائية ملائمة دون قواعدية الحركة ونحوية التنغيم اللتين تشكلان حامله الضروري.
وخلال الأساطير والأدب الشعبى الزنجى ينقل الآباء للأبناء خبراتهم بطرق تعبيرية سهلة الحفظ مثل معارف نشأة الكون وتاريخ القبيلة والقوانين الاجتماعية وأصل المنتجات المختلفة والمعتقدات الدينية والعلاقات مع القبائل الأخرى وتاريخ الأبطال الأسطوريين والروابط الطوطمية بين الحيوان والقبيلة.
وتأثرت الأساطير الإفريقية ببعض الحكايات التى دخلتها إبان الاستعمار، لكن لايزال هناك الكثير من أساطيرهم وحكاياتهم لم يتم تسجيلها بعد على ورق، ويبدو أنهم ينقلون مواريثهم الدينية والأدبية شفهيا بسرية تامة بحيث لا يُسمح لغريب أن يعلم ولو أقل معلومة إلا ما يسمحون له بأن يعرفها.
وتنتشر القصص الشعبية فى أفريقية بجانب الشعر والأساطير، وأشهرها وأكثرها انتشاراً قصص الحيوانات الماكرة، ومثالها عند شعوب البانتو فى شرقى إفريقيا وأوسطها وغربها وفى غربى السودان «الأرنب البرى»، وفى غربى إفريقية العنكبوت. وتتميز هذه الحيوانات عندهم عادة بالحيلة والدهاء تهزم بهما أعداء أكبر منها وأقوى على الرغم من كثرة أخطائها التى تمتع المستمعين وتضحكهم، فحين سرقت السُلحفاة سلة الحكمة من الآلهة وحاولت الهرب بها، اعترضتها شجرة لم تستطع تخطيها، لأنها على غفلة من أمرها علقت السلة فى عنقها بدلاً من أن تحملها على ظهرها، وحين عجزت عن انتزاعها من رقبتها تناثرت الحكمة فى العالم منذ ذلك الحين. أما العنكبوت فيبدو فى هذه القصص شخصية أسطورية، وخصماً عنيداً لإله السماء، يسرق قصصه ويخدعه، وهو بذلك يشبه إيشو إله يوروبا المخادع الذى يعترض الآلهة الآخرين ويعرقل أعمالهم ويعطل نواياهم. ويتفرع من قصص المكر هذه قصص الهروب التى يبحث فيها البطل عن مخرج من مهمة مستحيلة وضعته الظروف فيها.
ويعتمد فن الحديث عند الأفارقة على الأمثال اعتماداً واسعاً، ولا يخلو جدل أو حديث عندهم من مثل يدل على علم المتحدث وخبرته، وغالباً ما يكتفى بقول نصف المثل، ويترك النصف الآخر للسامع يكمله، وتعبر هذه الأمثال عن حكمة هذه الشعوب وتجاربها وأخلاقها وسعة خيالها، وقد استطاع أحد أفراد بعثة سويسرية تبشيرية وهو اج. كريستالرب جمع أكثر من 3600 مثل بلغة التوي. و«السلحفاة والثعبان» واحدة من أشهر الأساطير فى الكونغو، وجاء فيها: فى يوم ما من الأزمنة الماضية تصادقت السلحفاة «إيميبا» والثعبان «أوجولا»، وعاشا فى نفس المكان، وأكلا من نفس الإناء، وكانا سعيدين، وجاع الثعبان ذات يوم فقال لنفسه:
ويتسم أدب الأساطير بالبعد عن الأمور الواقعية، والميل إلى الخيالي، ونوَّه الشاعر والرئيس السنغالى الراحل اليوبولد سيدار سنغورب إلى قدرة الأفارقة على إطلاق العنان لمخيلاتهم، والابتداع، وتفسير الأمور الخارقة، لأن كل أمر أسطورى لا يتحلى بما هو خارق للواقع يبث الضجر فى نفس الإفريقى ويغمسها فى ملل عميق.
ومن هنا كانت أهمية الأدب الشعبى الأفريقى أنه وثيقة مهمة تستحق التأمل والدراسة لأنها أولا وقبل كل شيء تصوير فنى لموقف الإنسان الإفريقى من الحياة والأحداث من حوله، كما أنه تعبير عن ذاته ووجدانه واحساسه ومشاعره، وكما أن تلك الأساطير تمثل موقف الإنسان من قوى الطبيعة ومحاولة تفسير أسبابها. ولا خلاف أن الكلمة ينبوع الحضارة الإفريقية قولاً كانت أو إيقاعا أو رمزا، وتُشكِّل الأنساب والحكايات الأسطورية والقصص والأمثال والألغاز جوهر أدبها الشفهي.
وليست الشفاهية المحضة علامة عجز مستنكر، فالأدب الإغريقى مثلا أنتج أنقى روائعه «الإلياذة والأوديسا» حينما كان الكلام مهيمناً على الكتابة إلى حد كبير (قبل الميلاد بنحو تسعة قرون) واليوم أيضا كل مجتماعاتنا فالشعار السائد بأن «كل عجوز يموت هو مكتبة تختفى».
ويمكن القول أيضا إن الأدب الأفريقى الزنجى التقليدى أدب تسجيلى لحركات الجسم حيث لا تتواكب الصلوات والقرابين بطقس من الحركات المنظمة بدقة وحسب، بل لا نتصور قصصا أو حكايات رمزية أو أساطير دون إيمائية ملائمة دون قواعدية الحركة ونحوية التنغيم اللتين تشكلان حامله الضروري.
وخلال الأساطير والأدب الشعبى الزنجى ينقل الآباء للأبناء خبراتهم بطرق تعبيرية سهلة الحفظ مثل معارف نشأة الكون وتاريخ القبيلة والقوانين الاجتماعية وأصل المنتجات المختلفة والمعتقدات الدينية والعلاقات مع القبائل الأخرى وتاريخ الأبطال الأسطوريين والروابط الطوطمية بين الحيوان والقبيلة.
وتأثرت الأساطير الإفريقية ببعض الحكايات التى دخلتها إبان الاستعمار، لكن لايزال هناك الكثير من أساطيرهم وحكاياتهم لم يتم تسجيلها بعد على ورق، ويبدو أنهم ينقلون مواريثهم الدينية والأدبية شفهيا بسرية تامة بحيث لا يُسمح لغريب أن يعلم ولو أقل معلومة إلا ما يسمحون له بأن يعرفها.
وتنتشر القصص الشعبية فى أفريقية بجانب الشعر والأساطير، وأشهرها وأكثرها انتشاراً قصص الحيوانات الماكرة، ومثالها عند شعوب البانتو فى شرقى إفريقيا وأوسطها وغربها وفى غربى السودان «الأرنب البرى»، وفى غربى إفريقية العنكبوت. وتتميز هذه الحيوانات عندهم عادة بالحيلة والدهاء تهزم بهما أعداء أكبر منها وأقوى على الرغم من كثرة أخطائها التى تمتع المستمعين وتضحكهم، فحين سرقت السُلحفاة سلة الحكمة من الآلهة وحاولت الهرب بها، اعترضتها شجرة لم تستطع تخطيها، لأنها على غفلة من أمرها علقت السلة فى عنقها بدلاً من أن تحملها على ظهرها، وحين عجزت عن انتزاعها من رقبتها تناثرت الحكمة فى العالم منذ ذلك الحين. أما العنكبوت فيبدو فى هذه القصص شخصية أسطورية، وخصماً عنيداً لإله السماء، يسرق قصصه ويخدعه، وهو بذلك يشبه إيشو إله يوروبا المخادع الذى يعترض الآلهة الآخرين ويعرقل أعمالهم ويعطل نواياهم. ويتفرع من قصص المكر هذه قصص الهروب التى يبحث فيها البطل عن مخرج من مهمة مستحيلة وضعته الظروف فيها.
ويعتمد فن الحديث عند الأفارقة على الأمثال اعتماداً واسعاً، ولا يخلو جدل أو حديث عندهم من مثل يدل على علم المتحدث وخبرته، وغالباً ما يكتفى بقول نصف المثل، ويترك النصف الآخر للسامع يكمله، وتعبر هذه الأمثال عن حكمة هذه الشعوب وتجاربها وأخلاقها وسعة خيالها، وقد استطاع أحد أفراد بعثة سويسرية تبشيرية وهو اج. كريستالرب جمع أكثر من 3600 مثل بلغة التوي. و«السلحفاة والثعبان» واحدة من أشهر الأساطير فى الكونغو، وجاء فيها: فى يوم ما من الأزمنة الماضية تصادقت السلحفاة «إيميبا» والثعبان «أوجولا»، وعاشا فى نفس المكان، وأكلا من نفس الإناء، وكانا سعيدين، وجاع الثعبان ذات يوم فقال لنفسه:
لماذا أدع السلحفاة تشاركنى طعامي؟، ولف نفسه حول إناء الطعام ولم يدع السلحفاة تمد يدها نحوه لتناول طعامها، وكانت جائعة جدا وكان الإناء مليئا باللحم والخضراوات، وانتحت جانبا ورأت «أوجولا» وهو يلتهم الطعام بشراهة !!وسألته: لماذا لا تدعنى أتناول الطعام معك؟ إنى جائعة ماذا جرى لك ؟ ألم نكن نأكل طعامنا معا؟فقال الثعبان: أنا أكبر منك.. انظرى إنى أستطيع أن ألف نفسى حول الإناء فهذا الطعام لى وحدي.. إنه يكفينى وحدى فقط !!فكرت السلحفاة فيما قاله الثعبان، وفى اليوم التالى صنعت لنفسها ذيلا من الحشائش وألصقته بذيلها، ثم لفته حول آنية الطعام وبدأت فى التهام الأكل !!ولم يجد الثعبان «أوجولا» مكانا له ورأى الإناء مملوءا باللحم والخضراوات، وكان جائعا ووجبته المفضلة أمامه !!فسأل السلحفاة: لماذا لا تدعينى أتناول الطعام معك.. إنى جائع.. ماذا جرى لك؟ ألم نكن نأكل طعامنا معا؟فأجابته إيميبا: بالأمس كنت كبيرا وأنا صغيرة، أما اليوم فأنا كبيرة كما تري!فانتحى «أوجولا» جانبا وهو ينظر إلى إيميبا وهى تلتهم الطعام.وتنتهى الأسطورة باختراع السلحفاة التى تعيش بذكائها وسيلة تهزم بها منافسها.
اريد مصادر عن هذه المعلومات ومصادر عن الاسطورة الافريقية
ردحذف