أفريقيا.. تاريخ حافل بالانقلابات

صورة توضح البلدان الافريقية المتوقعة فيها انقلابات عسكرية في المستقبل


لقارة أفريقيا سجلّ حافل بالانقلابات العسكرية التي تعاقبت في الخمسين سنة الماضية، إذ تم إحصاء ما لا يقل عن ثمانين عملية انقلابية معظمها في دول أفريقية غير عربية, واستهدف بعضها نظما منتخبة ديمقراطيا مثلما حصل مؤخرا في مالي.
وكان الانقلابان الأخيران في غينيا بيساو ومالي الأحدث في سلسلة طويلة من عمليات إزاحة أنظمة بالقوة, كان بعضها أبيض بينما كان بعضها الآخر داميا.
وفي ما يأتي نبذة عن دول أفريقية شهدت عدة انقلابات.
نيجيريا
شهدت نيجيريا ثمانية انقلابات بين 1966 و1993. بدأ الانقلاب الأول في يناير/كانون الثاني 1966-أي بعد ست سنوات من الاستقلال عن بريطانيا- بتمرد قاده اللواء جونسون أغويي إيرونسي وأسفر عن مقتل رئيس الوزراء أبو بكر باليوا، وذلك في ظل صراعات عرقية تحولت إلى حرب أهلية عام 1967 بعد محاولة ولايات في شرق البلاد الانفصال.

لم يستقر الأمر للواء إيرونسي سوى سبعة شهور تقريبا حيث لقي مصرعه في انقلاب مضاد, واستولى على السلطة ياكوبو غون الذي ظل ممسكا بها حتى أزاحه مورتالا محمد عام 1975.
لقي مورتالا محمد مصرعه خلال محاولة انقلابية فاشلة في 1976, وحل محله نائبه قائد الأركان أولسيغون أوباسانجو الذي سلم مقاليد الحكم طوعا إلى الحاجي شيحو شغاري, وهو أول رئيس منتخب في تاريخ نيجيريا.
وتجددت الانقلابات العسكرية في ديسمبر/كانون الأول 1983 باستيلاء اللواء محمد بخاري على السلطة في انقلاب أبيض، تلاه بعد ذلك بعامين انقلاب آخر أبيض نفذه إبراهيم بابنجيدا.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث استولى الجنرال ساني أباشا على السلطة في نوفمبر/تشرين الثاني 1993, وضيّق تماما على المعارضة. وكان هذا آخر انقلاب قبل الدخول في مسار ديمقراطي لا يزال قائما.
موريتانياشهدت ستة انقلابات خلال ثلاثين سنة وكان أحدثها في 2008. بدأت سلسلة العمليات الانقلابية في يوليو/تموز 1978 حين أطاح قائد الجيش مصطفى ولد السالك بالرئيس المختار ولد داداه, أول رئيس منتخب لموريتانيا عام 1961.
دام حكم ولد السلك أقل من عام، إذ شهدت البلاد انقلابا ثانيا في أبريل/نيسان 1979 قاده عسكريان هما محمد خونا ولد هيدالة وأحمد ولد بوسيف, وعلى أثره أُقصى ولد السالك وجرى استبداله بمحمد ولد أحمد لولي.
وبعد أقل من عام أيضا وتحديدا في يناير/كانون الثاني 1980 وقع الانقلاب الثالث منذ استقلال البلاد عن فرنسا في 1960, وقاده هذه المرة محمد خونا ولد هيدالة -الذي شارك في الانقلاب السابق- وأفضى إلى الإطاحة بولد لولي.
وفي نهاية 1984, كان ولد هيدالة ضحية انقلاب جديد قاده معاوية ولد سيدي أحمد الطايع الذي حكم حتى 2005 قبل أن يلقى مصيرا مماثلا، حيث انقلب عليه العقيد اعلي ولد محمد فال بينما كان يحضر جنازة الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز, وكان تعرض قبل ذلك بعامين لمحاولة انقلابية باءت بالفشل.
استطاع العسكر بعد انقلاب ولد محمد فال وضع موريتانيا على طريق الديمقراطية من خلال دستور جديد أُقر في 2006, وجرت في العام نفسه انتخابات برلمانية وبلدية أعقبتها في العام التالي انتخابات رئاسية فاز بها سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.
لم يمض على تولي ولد الشيخ عبد الله السلطة 17 شهرا حتى أطاح به الجنرال محمد ولد عبد العزيز ووضعه قيد الإقامة الجبرية قبل أن يقيّد تحركاته. تحجج ولد عبد العزيز بانتهاك السلطة السابقة للدستور, ووصف الانقلاب بالمشروع, كما قال إنه "اضطر لتولي السلطة".
في العام التالي استقال ولد عبد العزيز من رئاسة الدولة كي يشارك في انتخابات الرئاسة التي نظمتها حكومته في يوليو/تموز 2009  وانتخب على أثرها رئيسا وسط انتقادات من المعارضة.
أوغندا
وقعت فيها ستة انقلابات أولها في فبراير/شباط 1966, أي بعد أربع سنوات من استقلال البلاد, بإطاحة ميلتون أوتي بموتيسا الثاني ملك ما كان يعرف بـ"بوغاندا". بعد ذلك بخمس سنوات, استولى الجنرال عيدي أمين على الحكم بانقلاب منهيا بذلك حكم الرئيس أبوتي.

وُصف حكم أمين -الذي استمر تسع سنوات تقلبت خلاله تحالفاته بين الغرب والشرق- بالدموي. وتحدثت تقارير عن مقتل ما بين مائة ألف وخمسمائة ألف شخص في عهده وهو ما ساعد على نشأة حركة معارضة مسلحة أوغندية تدعى جيش التحرير الوطني الأوغندي.

حين سعت أوغندا في 1978 إلى ضم مقاطعة تنزانية, اندلع صراع عسكري تحالف فيه جيش التحرير الأوغندي مع "قوة الدفاع عن شعوب تنزانيا", وقد أفضى ذلك في أبريل/نيسان 1979 إلى إسقاط نظام عيدي أمين الذي فرّ إلى ليبيا ومنها إلى السعودية حيث توفي في 2003.

بعد فرار أمين, جرت ثلاثة انقلابات أخرى أعوام 1980 و1985 و1986, وقاد الانقلاب الأخير يويري موسيفيني الذي فاز في 2011 بولاية رئاسية جديدة.
جزر القمر
على غرار نيجيريا وأوغندا وموريتانيا, لهذا البلد العضو في الجامعة العربية سجل حافل بالانقلابات العسكرية التي بلغت خمسة, كان أحدثها عام 1995. وقع الانقلاب الأول عام 1975 بالاشتراك بين سعيد محمد جعفر والمرتزق الفرنسي بوب دينار, وأسقط أول رئيس للبلاد منذ استقلالها عن فرنسا في العام نفسه وهو أحمد عبد الله.

والملفت أن دينار الذي قاتل في دول أفريقية بينها الجزائر وأنغولا وتنزانيا، شارك في ما لا يقل عن أربعة من تلك الانقلابات، بما فيها انقلاب عام 1995 الذي نفذه بمعية ثلاثين مرتزقا لمدة أسبوع، قبل أن تتدخل قوة فرنسية لإجلائه من جزر القمر ثم تجرى لاحقا محاكمته.
غانا
شهدت غانا أيضا خمسة انقلابات عسكرية بين 1966 و1981. استهدف الانقلاب الأول في فبراير/شباط 1966 كوامي نكروما أول رئيس للبلاد وأحد مؤسسي منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي حاليا) بينما كان في جولة بفيتنام الشمالية (سابقا) والصين, ولم يعد نكروما بعد ذلك إلى بلاده، حيث لجأ إلى غينيا في ضيافة رئيسها وقتذاك أحمد سيكوتوري.
وقاد هذا الانقلاب اللواء إيمانويل كوتوكا. وقعت الانقلابات الأربعة الأخرى بين 1972 و1981, وكان جيري راولينغس آخر من قام بانقلاب, لكنه كان أيضا أول رئيس منتخب بين 1993 و2003, وبعد سبع سنوات من مغادرته السلطة عينه الاتحاد الأفريقي موفدا له إلى الصومال.
السودان
وقعت فيه منذ استقلاله عن بريطانيا عام 1956 أربعة انقلابات عسكرية فضلا عن العديد من المحاولات الفاشلة, وقد تلى معظم تلك العمليات إعدامات لعسكريين ومدنيين. قاد الانقلاب الأول عام 1958 الفريق إبراهيم عبود على حكومة ائتلافية بقيادة عبد الله خليل.

جاء الانقلاب الثاني عام 1969 ونفذه جعفر نميري وضباط محسوبون على التيارين الشيوعي والقومي, وأطاح بالرئيس إسماعيل الأزهري الذي كان تولى الرئاسة عام 1964, وتولى قبل ذلك رئاسة الوزراء بين 1954 و1956.

ظل نميري في الحكم 16 عاما تخللتها عدة محاولات انقلابية فاشلة أشهرها تلك التي وقعت في 19 يوليو/تموز 1971 ونسبت للحزب الشيوعي السوداني، واستطاع النميري استعادة سلطته بعد ثلاثة أيام، ليعود بعدها ويعدم قادة الحزب في محاكمات عسكرية مرتجلة.
وفي عام 1986 تولى الصادق المهدي رئاسة الوزراء بعد انتخابات ديمقراطية أعقبت الانتفاضة الشعبية على حكم النميري، وقد ظل في الحكم لثلاث سنوات قبل أن يطيح به الفريق عمر البشير بانقلاب عسكري تحت عنوان "ثورة الإنقاذ". أمضى المهدي ثلاث سنوات تقريبا بين السجن والإقامة الجبرية قبل أن يعود إلى السياسة مجددا, في حين لا يزال البشير ممسكا بزمام السلطة.
بوركينا فاسو
شهد هذا البلد -الذي كان يسمى حتى 1984 فولتا العليا- أربعة انقلابات بين عامي 1980 و1987. أطاح الانقلاب الأول بالرئيس أبو بكر لاميزانا الذي استلم الحكم عام 1966 عندما كان لواء في الجيش بعد احتجاجات شعبية أسقطت سلفه موريس ياميوغو. وكان منفذ الانقلاب على لاميزانا العقيد سايي زيربو الذي ظل عامين فقط في السلطة، إذ أطاح به الرائد جان باتيست أوادروغو في نوفمبر/تشرين الثاني 1983.

أما أوادراغو فلم يصمد في السلطة سوى تسعة أشهر تقريبا، إذ أزاحه النقيب توماس سانكارا -الذي كان يوصف بالماركسي الثوري ومن دعاة الوحدة الأفريقية- بمشاركة بلاز كمباوري في أغسطس/آب 1983, ووُصف الانقلاب حينها بالمدعوم شعبيا.
بعد أربع سنوات من ذلك التاريخ, قُتل سنكارا في انقلاب نفذه كمباوري الذي وصف مقتل رفيقه بـ"الحادث", ونظم الأخير بين 1991 و2010 انتخابات رئاسية كسبها كلها, بيد أنه واجه في 2011 تمردا اضطره إلى الهرب من العاصمة واغادوغو لساعات, كما اضطر إلى تعيين حكومة ورئيس أركان جديدين.
النيجر
وقعت فيه أربعة انقلابات، كان أولها عام 1974 من تنفيذ الضابط سيني كونتشي الذي تمكن من إزاحة حماني ديوري أول رئيس للبلاد, واستمر كونتشي في الحكم حتى وفاته في مستشفى بباريس عام 1987. بعد وفاة كونتشي, استلم زمام السلطة مجلس عسكري بقيادة علي سايبو الذي جرى تعيينه رئيسا جديدا للبلاد, واستمر في منصبه حتى فرضت عليه اضطرابات كان الطوارق طرفا فيها انفتاحا سياسيا أفضى في 1993 إلى انتخابات فاز فيها ماهامان عصمان.

وأطاح انقلاب ثان قاده إبراهيم باري مايناسارا مطلع 1996 بالرئيس عصمان الذي ظل يمارس السياسية وشارك عام 2011  في انتخابات رئاسية حل فيها رابعا.
عام 1999, كان ماينسارا نفسه ضحية انقلاب قاده الضابط داودا وانكي, وتلاه في 2010 انقلاب رابع قاده عسكري أيضا يدعى سالو جيبو, أنهى حكم الرئيس مامادو تانجا بعد أزمة دستورية.

سجن العسكريون تانجا لمدة عام تقريبا وأُطلق سراحه بعدما أسقط عنه القضاء اتهامات وُجهت له عقب الانقلاب.
غينيا بيساو
شهد هذا البلد بدوره أربعة انقلابات أولها عام 1980, وأحدثها في أبريل/نيسان 2012. أطاح الانقلاب الأخير برئيس البلاد المؤقت رايموندو بيريرا ورئيس وزرائه كارلوس جونيور اللذين جرى احتجازهما. وكان جونيور مرشحا للفوز في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية.
وكانت حجة الانقلابيين "اتفاق سري" مفترض بين السلطة القائمة والحكومة الأنغولية يمنح صلاحيات أكبر لقوة أنغولية موجودة في غينيا بيساو.

بوروندي
 جرت فيه ثلاثة انقلابات، كان أولها عام 1966 وقاده النقيب ميشال موكيمبيرو على الملك نتاري الخامس, وأفضى إلى حكم دكتاتوري. خلال مدة حكمه الذي استمر حتى 1976, قتل ميكومبيرو (وهو من عرقية التوتسي) بين مائة ألف وثلاثمائة ألف شخص من عرقية الهوتو, كما استهدف نخبة التوتسي الليبرالية وفقا لبعض المصادر.
أطيح به عام 1976 في انقلاب آخر قاده العقيد جون باتيست باغازا الذي واجه مصيرا مماثلا، حيث أطاح به عام 1987 الرائد بيار بويويا مما اضطره إلى البقاء في المنفى لسنوات قبل أن يعود عقب الانتخابات الديمقراطية الأولى من نوعها عام 1993 التي أفرزت أول رئيس من الهوتو هو ملكيور ندادايي الذي اغتيل لاحقا.

بعد عامين تقريبا من تلك الانتخابات, نفذ الرائد بيار بويويا انقلابا هو الثاني في تاريخه, وقد تم هذا الانقلاب وسط مواجهات عرقية دامية بين الهوتو والتوتسي أوقعت نحو ثلاثمائة ألف قتيل.

توغو
وقعت فيها أيضا ثلاثة انقلابات بين عامي 1963 و2005. نفذ الانقلاب الأول غناسيغبي إياديما الذي كان قائدا لمجموعة عسكرية أطاحت بالرئيس سيلفانوس أولمبيو, وقد أقر إياديما لاحقا بمسؤوليته عن اغتيال أولمبيو (أول رئيس لتوغو منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960).

نصب الانقلابيون نيكولا غرونيتسكي رئيسا مدنيا, لكن إياديما الذي أصبح قائدا للأركان عام 1965 انقلب على غرونيتسكي مطلع عام 1969, وتمكن بسرعة من إحكام قبضته على السلطة, وانتخب خمس مرات رئيسا بين 1979 و2003 قبل أن يتوفى في 2005 أثناء نقله للعلاج بالخارج.

مالي
عانى هذا البلد بدوره من ثلاثة انقلابات، أحدثها انقلاب 22 مارس/آذار 2012 بقيادة النقيب أمادو سانوغو الذي أطاح بالرئيس أمادو توماني توريه مما سهل على الطوارق السيطرة على معظم شمال البلاد وإعلان "دولة أزواد".
اضطر توريه إلى تقديم استقالته بموجب تسوية نصت على فترة انتقالية يقودها رئيس البرلمان ديونكوندا تراوري. وكان توريه نفسه قد انقلب عام 1991 على سلفه موسى تراوري الذي انقلب من جهته عام 1968 على موديبا كايتا أول رئيس للبلاد.

جمهورية أفريقيا الوسطى
أطاح جان بيدال بوكاسا في 31 ديسمبر/كانون الأول 1965 بابن عمه, الرئيس دافيد دوكو الذي كان عينه قبل ذلك قائدا للأركان.

أعلن بوكاسا نفسه بعد ذلك رئيسا مدى الحياة ثم إمبراطورا, واستمر في الحكم حتى أطاح به في 1979 ابن عمه دافيد دوكو الذي أعلن سقوط الإمبراطورية وقيام الجمهورية.
المصدر : الجزيرة + وكالات

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.